محمد كمال المريني يكتب: المدار السياحي للضايات.. كان الله وباقي الله
بعد سنوات من الصمود، تستسلم ضاية أفركاغ للفناء والعدم، وبذلك يفقد مدار الضايات بحيرته الثالثة بعد أن غاضت مياه ضاية عوا وضاية أحشلاف.
يتوزع مدار الضايات بين إقليم إفرن وإقليم صفرو، أغلبيتها ضمن الأول وهي ضاية عوا، ضاية أحشلاف التي كانت تمتد على مروج ممتدة داخل المنتزه الوطني ليفرن وضاية يفرح،فيما تنتسب جغرافيا لإقليم صفرو ضاية أفركاغ وضاية يفرح الواقعة ضمن المحمية الطبيعية لتاكلكونت ،وقد سبق لـW.W.F، منظمة غير حكومية تهتم بالبيئة، أن اعتبرتها ضمن المناطق الرطبة في برنامج طموح أقبر في مهده.
أمنت بحيرات المدار السياحي مجالا مميزا للسياحة الإيكولوجية وتم الترويج له بمبادرات لمعمرين فرنسيين في خمسينيات القرن الماضي، ونقطة جذب للإصطياف لشباب المنطقة، وكان من الممكن أن يشكل قاطرة لمقاربة تنموية مجالية تحتل فيها السياحة الثقافية والإيكولوجية مرتكزا أساسيا، لم يكتب للمشروع السياحي لمدار الضايات الإستمرار لأسباب شتى أهمها غياب إهتمام الفاعلين الترابيين بالمجال والقدرة على إبداع وتنزيل برامج تنموية تساهم في تحسين شروط عيش الساكنة وتمكينها من التسيد على الطبيعة.
غياب مشاريع تنموية في حدها الأدنى بالمنطقة، وعدم توفير حدود دنيا من الخدمات العمومية: شبكة طرقية تفك العزلة عن العالم القروي، تزويد المجال بالكهرباء والماء الصالح للشرب، مؤسسات تعليمية واستشفائية، بالإضافة إلى توالي سنوات الجفاف، خلقت هجرتين مضادتين: الأولى هجرة قروية مكثفة ساهمت في بدونة المدن وخلق أحزمة بؤس عديدية في الالمدن المستقبلة خاصة الصغرى والمتوسطة، والثانية في تجاه البوادي من طرف ” مستثمرين” عملوا على تغيير استغلال التراب واعتماد غراسات مستنزفة للتربة والفرشة المائية.
تغير استخدام التربة هو عامل أساسي في جفاف البحيرات ونضوب ينابيع كثيرة وتراجع صبيب أنهار وأودية الناجمة عن تراجع الفرشة المائية جراء استزافها، مما يطرح مسؤولية الدولة مؤسسات وأجهزة في المحك، خاصة المؤسسات الموكول إليها تدبير الماء والملك العمومي المائي، ويطرح أكثر من سؤال حول السياسات العمومية الموجهة للعالم القروي وضمنها مخطط المغرب الأخضر.
على مستوى ثاني، بتحول الضايات إلى قاع صفصاف بعد أن غاضت مياهها، تفقد مجالا مهما للتنوع النباتي والحيواني مما يهدد الحياة البرية بالإندثار.
اللهم فاشهد، إن التغول بلغ مداه حارما الساكنة والأجيال اللاحقة من حقها في بيئة سليمة متوازنة.