بنكيران في “تشريح” للأوضاع في المغرب: “انتكاسة متفاقمة و تردي غير مسبوق بسبب الدفع بكائنات انتخابية فاسدة”
“ما تشهده بلادنا من انتكاسة متفاقمة وغير مسبوقة على هذا المستوى، وفقدان الثقة في السياسة والسياسيين وفي المؤسسات المنتخبة، وما عرفته بلادنا بشكل غير مسبوق على مدار الشهور والأسابيع والأيام الأخيرة من سلسلة من المتابعات والتوقيفات والمحاكمات المتتالية في حق عدد ممن يتولون مهام نيابية وطنية أو منتخبين ومسؤولين بجماعات ترابية بشبهة جرائم الفساد المالي والانتخابي والاتجار في مواد محرمة قانونا، سببه بالأساس إضعاف الأحزاب الوطنية الحقيقية والمناضلين الحقيقيين والشرفاء من أبناء الوطن، والدفع إلى الواجهة بكائنات انتخابية فاسدة وانتهازية وغريبة عن الجسم السياسي والحزبي، وما رافق ذلك من إفساد انتخابي، وهو ما زرع الشك في العملية الديمقراطية برمتها وأفرغ الانتخابات من وظيفتها النبيلة وأفقدها رمزيتها ومكانتها لدى المواطنين”، هذه فقرة من فقرات التقرير السياسي الذي قدمه عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، اليوم السبت، أمام أعضاء المجلس الوطني للحزب في دورته العادية.
بنكيران قال إن بلادنا تشهد تردي غير مسبوق على مستوى تدبير الشأن العام ومصالح المواطنين والمواطنات وطنيا وترابيا ومن إضعاف لمؤسسة رئاسة الحكومة وللحكومة وغياب وتدني مستوى الأداء البرلماني، موردا بأن سبب هذا التردي بالأساس أغلبية حكومية وبرلمانية وترابية تعاني من آفة غياب الشرعية الانتخابية الواضحة، وضعف الكفاءة والمصداقية في القول والعمل بعد إخلافها للعديد من الوعود الانتخابية ووعود البرنامج الحكومي، بالإضافة إلى كونها أغلبية تبدو بعيدة عن الواقع ومرتهنة لمصالح لوبيات الريع والفساد.
“فراغ سياسي خطير وغير مشهود وفقدان للثقة في السياسة وفي الأحزاب السياسية وفي كل أشكال الوساطة المؤسساتية، وهو ما اتضح بشكل جلي مع مرور الوقت من خلال بروز محطات وأشكال احتجاجية جديدة فضحت عزلة الحكومة أمام الرأي العام”، يزيد بنكيران في تقريره.
التقرير السياسي لبنكيران تحدث على أن المرحلة تتطلب وبكل استعجال تحضير شروط وآليات تصحيح المسار السياسي والديمقراطي والحزبي والانتخابي، “فبلادنا أمام مفترق طرق مصيري يتطلب تقوية الجبهة الداخلية بأحزاب وطنية حقيقية ومستقلة، وبمناضلين حقيقيين ونزهاء، وبمؤسسات منتخبة قوية وذات شرعية وذات مصداقية لا لبس فيها”.
التقرير دعا إلى الغاء اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، وإغلاق مكتب الاتصال بالرباط. كما وجه انتقادات إلى مقترحات المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول مراجعة مدونة الأسرة، واعتبرها بعيدة عن مرجعية المغاربة. وإلى جانب ذلك وجه انتقادات للمجلس الأعلى للحسابات في مقاربته لملف محاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة، موردا بأنه يركز فقط على الأحزاب السياسية وعلى المنتخبين. وانتقد أيضا ما أسماه بالتردي الإعلامي ونكوص المشهد السمعي البصري.
وعلى المستوى الحقوقي، أشاد بنكيران بالانتصار الكبير الذي حققه المغرب بانتخاب بلدنا لأول مرة لرئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، معتبرا بأن هذا الانتصار يشكل مناسبة مواتية وفرصة سانحة لبث دينامية ونفس سياسي وحقوقي جديد وطي بعض القضايا وملفات المحكومين على خلفية بعض الاحتجاجات الاجتماعية والصحفيين والمدونين.
بنكيران انتقد التخبط الحكومي في تدبير أزمة التعليم، وانتقد طريقة تعامل مجلس المنافسة مع مخالفات الشركات الكبرى للمحروقات، وطرق تدبير الحوار الاجتماعي ومخرجاته، وذلك إلى جانب التقاعس في اتخاذ إجراءات استعجالية لمواجهة ملف ندرة المياه، وما ارتبط بفشل المقاربة الحكومية للنهوض بالاقتصاد، ما كرس أزمة اجتماعية عنوانها العريض الغلاء في المواد الأساسية والتدهور الكبير للقدرة الشرائية للمواطنين.