عبد الواحد السبتي يكتب: كيف نتعامل مع ترخيص التنقل للحفاظ على الصحة والاقتصاد؟

شكل وباء كوفيد 19 أكبر إحراج لحكومات العالم التي كانت في حيرة كبيرة بسببه، بين إقفال الحدود والمعامل والمحال التجارية، لتفضيل صحة المواطن لإبطاء انتشار الوباء، وبين فتح القطاعات الحيوية بما أن مدة الإقفال شلت اقتصادها

فهذا الإحراج الذي بسببه تضررت جل القطاعات الحيوية ببلادنا وبعد ان تجاوزت التحليلات المخبرية لكورونا نصف مليون مواطن وبعد ان تم عزل المصابين ببنگرير وابن سليمان بمستشفيين ميدانيين لتتفرغ باقي مستشفيات المملكة لباقي المرضى ولحماية موظفيها من تنقل العدوى إليهم، تقرر أخيرا  رفع الحجر الصحي بشكل شبه كلي اذا استثنينا التجمعات الكبيرة مع ترخيص التنقل بين المدن، ويعني ذلك ان الحكومة رمت الكرة بميدان المواطنين كي يحموا انفسهم من الوباء بعد ان تمت حمايتهم في ثلاثة اشهر، ويعني ذلك بشكل غير مباشر التعايش مع المرض مع أخذ الحيطة والحدر والإلتزام بالتباعد الاجتماعي والكمامة ووسائل النظافة .

لكن في اطار التحليلات الاحترازية التي شملت جل المشتغلين بالقطاعات التي تشهد تجمعات كالمتاجر الكبرى والمصانع ظهرت حالات وبؤرا أربكت الحسابات وما زاد الطين بلة هو البؤرة التي ظهرت بمصنع وضيعات الفراولة بلالة ميمونة المتواجدة بين العرائش والقنيطرة، هاته البؤرة أربكت الحسابات خاصة انه سيتم الكشف عن حالات مخالطي حوالي 700 مصاب من المصنع ومخالطي مخالطيهم المتواجدون بالعرائش وسوق الاربعاء الغرب والقنيطرة علما ان الاخيرة افتتح الخط السككي بينها وبين الدار البيضاء والرباط سلا منذ أيام،  إذن حسابيا خطر الوباء لا يزال قائما ومن واجب كل مواطن ان يستغل رفع الحجر لانعاش الاقتصاد وأن كل تهور يعني إعادتنا لنقطة الصفر بمنع التنقل بين المدن واقفال المقاهي والمطاعم مما يعني تأزيم وضع العاملين بمجال النقل والخدمات مجددا.

إذن ما هو الحل ؟

أهم نقطة يجب ان يستوعبها كل مغربي ان ترخيص التنقل بين المدن لا يعني ذلك ان المواطن، الذي يود ان يكون ملتزما بمساعدة بلاده في السيطرة على الوباء، أن يتنقل من اجل الزيارات العائلية الغير ضرورية أو من أجل أغراض ثانوية، بل يجب أن نستوعب ان المغزى من رفع هذا المنع هو اقتصادي أي ان يكون التنقل لأغراض مهنية تجارية وصحية مع تجنب مخالطة سكان المدينة المتنقل إليها والإلتزام بمسافة الامان والكمامات، علما ان تأزم الوضع الاقتصادي للعاملين في قطاع النقل بين المدن عجل بالقرار، فمثلا مدينة مكناس أو اكادير، المدينتان الكبيرتان،  بذل سكانهما مجهودا كبيرا بالإلتزام بالحجر في البيت للوصول لصفر حالة نشطة، فمن العيب ان يضيع المجهود بسبب حالة وافدة من مدينة اخرى أتت لزيارة عائلية ترفيهية،  صحيح السياحة الداخلية ننتظرها لإنعاش حركة الفنادق والمطاعم والاماكن الترفيهية، لكن على الاقل يجب التريث ريثما يتم السيطرة على بؤرة لالة ميمونة و بؤر مراكش وطنجة الصناعية و بعض حالات فاس والدار البيضاء  التي تحتاج شهرا تقريبا للسيطرة عليها، اضافة انه يجب تفضيل الفنادق حاليا على الزيارات العائلية في حالة الاضطرار للسفر .

أما بالجانب الديني فكيف رأى النبي محمد عليه الصلاة والسلام الأمر؟

يقول صلى الله عليه و سلم بحديث صحيح عن الطاعون الذي نقيسه على الوباء الحالي: “إذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه”، أي استحسن عليه السلام ان يمنع كل شخص نفسه من السفر إلى بلاد الوباء و منها اذا كان يقطن بها لمدةذ.

أما بقصة سفر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أرض الشام حين وصوله اكتشف ان بالمكان وباء فتاك منتشر فقرر الخروج مباشرة والسفر لأنه اضطر للهروب من قدر لقدر حتى يعزل نفسه عن سكان البلاد التي بها المرض مما دفع ببعض الفقهاء بالاجتهاد في المسألة والسماح بالسفر من وإلى المناطق الموبوءة في حالة الضرورة.

الحقيقة أن الامر به إعجاز نبوي كبير، فلو التزم المتواجدون بأروبا وآسيا بأماكنهم ببداية الوباء بشهر فبراير لكانت القارة الافريقية، مثلا، بغنى عن ضياع الملايير بسبب الحجر الصحي، ولسجلت العديد من البلدان بها صفر حالة وأخرى بؤرا صغيرة يسهل التحكم بها,  فهذا الامر يجب ان يراه أمام عينه كل مواطن مغربي اراد السفر لمدينة أخرى أن سلوكه الفردي سيكون الفيصل في محافظته على اقتصاد تلك المدينة او البلدة، كما انه كل شخص شعر بارتفاع الحرارة او سعال او نزلة برد يجب ان يتفادى السفر مهما كانت الأسباب.

تعبر المقالات المنشورة في “منتدى الديار” عن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة