مستشار: “المشروع الغامض نزل فجأة ويتضمن ميزانية ضخمة بأهداف صغيرة”.. رؤساء 49 جماعة يعلنون “الاستنفار” للمصادقة على اتفاقية لـ”التعاون” مثيرة للجدل

انتقادات لاذعة وجهها محمد الهاشمي، العضو المعارض في جماعة بني وليد بإقليم تاونات، عن حزب “الرسالة”، لمشروع اتفاقية تخص مجموعة الجماعات “التعاون” التي اقترحتها عمالة الإقليم، ودعت 49 جماعة إلى عقد دورات استثنائية، من أجل المصادقة على المشروع.

الهاشمي، في أشغال دورة استثنائية لجماعة بني وليد، عبر عن معارضته بشدة لهذا المشروع، ودعا إلى تأجيل مناقشته إلى حين اتضاح الصورة. وقال إن منهجية إعداد الوثيقة ضربت  في الصميم المقاربة التشاركية وآليات التشاور التي أقر  دستور 2011 ترسيخها في تدبير الشأن العمومي، في إشارة منه إلى “إنزال” مفاجئ للمشروع من قبل السلطات الإقليمية وفرضه على الجماعات، دون أن يكون بإمكانها أن تناقش أو حتى أن تعرف ملابسات وأسباب النزول، ودون تقييم لحصيلة عمل مجموعة سابقة كلفت، في السياق، جماعة بني وليد مليار سنتيم، في إطار مشاريع فك العزلة، دون أن تستفيد هذه الجماعة سوى شحنات “توفنة” قليلة لم تنفع في ترسيخ أي مقاربة ناجعة لفك العزلة وتهيئة المسالك.

المستشار الهاشمي، أشار إلى أن المشكل في هذه الاتفاقية يتجلى في أن الميزانية ضخمة بينما الأهداف صغيرة، قبل أن يخلص، في تدخله الناري، إلى أن مضمون الاتفاقية غامض والعبارات التي تتحدث عن الأهداف عبارة عن كلام فضفاض. وانتقد، في السياق ذاته، المعايير المعتمدة في فرض مساهمات الجماعات في هذا المشروع، مسجلا بأن هذه المعايير غامضة.

لكن هناك قضية أخرى في هذه المشروع تثير الجدل بالإقليم، وتتعلق بـ”إقحام” المجلس الإقليمي، مع توجه لـ”تقزيم” الجماعات. واعتبرت المصادر بأن هذا “الإقحام” يتعارض مع القانون التنظيمي للجماعات الترابية، وهو ما قد يعرضه لـ”الرفض” من قبل المصالح المركزية لوزارة الداخلية.

ويتحدث القانون المنظم عن نوعين من الأنظمة، في هذا الإطار، ففي الفصل 133 من القانون التنظيمي 113 ـ 14 هناك حديث عن “مؤسسات التعاون” والتي يمكن للجماعات أن تؤسسها فيما بينها. وهذه المؤسسات تكون بين جماعات متصلة ترابيا وتتمع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي. وتحدث وفق اتفاقيات تصادق عليها مجالس الجماعات المعنية وتحدد موضوع المؤسسة وتسميتها ومقرها وطبيعة المساهمة أو مبلغها والمدة الزمنية للمؤسسة.

وينص القانون نفسه، في المادة 134 منه على أن مؤسسة التعاون بين الجماعات تمارس إحدى أو بعض أو جميع المهام التالية: النقل الجماعي وإعداد مخططات التنقلات للجماعات المعنية، ومعالجة النفايات، والوقاية وحفظ الصحة، التطهير السائل والصلب ومحطات معالجة المياه العادمة، وتوزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والإنارة العمومية، وصيانة الطرق العمومية الجماعية.

وتتحدث المادة 141 عن “مجموعة الجماعات الترابية” والتي يمكن لجماعة أو أكثر أن يؤسسوها مع جهة أو أكثر أو عمالة أو إقليم أو أكثر. وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي بهدف إنجاز عمل مشترك أو تدبير مرفق ذي فائدة عامة للمجموعة.

وفي هذا السياق أشارت المصادر نفسها إلى أن مشروع الاتفاقية التي توصلت بها الجماعات، نتوفر على نسخة منها، تتحدث عن “مجموعة جماعات التعاون”، بـ4 أهداف مختلفة محددة في المادة الثانية من مشروع الاتفاقية وهو ما يخالف المادة 141 من القانون التنظيمي 113-14، تبرز مصادرنا.

ورغم الجدل الذي تخلفه هذه الاتفاقية والطريقة التي فرضت بها على المجالس الجماعية، فإن جل الجماعات أعلنت حالة استنفار لعقد الدورات والمصادقة، حيث استعان جل الرؤساء بالأغلبية لرفع الأيادي والتصويت بالإيجاب، دون الخوض في نقاش التفاصيل.