بعد واقعة فيديو “المنع” وحضوره لقاء وزيرة السياحة.. هل انتهى “سوء الفهم” بين الوالي ازنيبر والبرلماني اللبار؟

كشفت مصادر مطلعة لجريدة “الديار” بأن تداعيات فيديو البرلماني عزيز اللبار والذي “هدد” فيه بالكشف عن “ملفات” ولمح إلى أنه لا يخضع لـ”ابتزاز” لا تزال مفتوحة، عكس ما ذهب إليه في تصريحات لبعض وسائل الإعلام، عقب الزيارة التي قامت بها وزيرة السياحة، فاطمة الزهراء عمور، لجهة فاس، في إطار جولات تنزيل خارطة الطريقة “الجديدة” للسياحة في المغرب.

ووفق المعطيات، فإن اللقاء الذي تم ترتيبه لوزيرة السياحة بفاس والذي احتضنه رياض الأمين في المدينة العتيقة، بحضور السلطات الولائية والمركز الجهوي للاستثمار، وعدد من الفاعلين في المجال السياحي، لم يدرج اسم البرلماني اللبار ضمن لائحة المدعوين، إلا في آخر لحظة، وبإصرار من الوزيرة عمور والتي اعتبرت بأنه من غير المناسب أن تشرف على عقد لقاء حول تنزيل استراتيجيتها للسياحة، في غياب اللبار بصفته رئيسا للمجلس الجهوي للسياحة.

الوزيرة عمور لم تكن على علم بتفاصيل اللائحة، إلا يوما واحدا قبل اللقاء، حينما التقت اللبار في مجلس النواب، وتفاجأت، وهي تتبادل معه أطراف الحديث، بأنه لا يوجد ضمن المدعوين، وبأنه لم يتم إشعاره بشكل رسمي بتنظيم أي لقاء ستحضره الوزيرة. وأسفر تدخل الوزيرة عن دعوة متأخرة للبرلماني اللبار، وهو ما أشار إلى جزء من تفاصيله أثناء تدخله في اللقاء ذاته.

وحاول البرلماني اللبار أن يصحح “أخطاء” خرجته في الفيديو المعروف، حيث تحدث عن مجهودات السلطات، وردد اسم الوالي ازنيبر لأكثر من مرة في كلمته، التي كاد “يحرم منها لولا احتجاجه على مقدم النشاط، لكن الوالي ازنيبر بدا من خلال اللقاء بأنه لم يرد التحية بأحسن منها، كما تظهر الصور التي سبق لـ”الديار” أن نشرتها، في إشارة إلى استمرار “التباعد” بينه وبين البرلماني اللبار، وسط حديث عن “فشل” مساعي صلح أصر البرلماني اللبار على الدعوة إليها، وانخرط فيها أعيان محليون وقيادات حزبية.

كما حاول اللبار أن يرسل رسائل إلى أنه “عدل من وقفته” في عدد من القضايا التي تهم الشأن العام المحلي، ومنها تصريحاته حول المركز الجهوي للاستثمار والوكالة الحضرية وعلاقة السلطات بالمجالس المنتخبة. كما حاول أن “ينتقي” معجم تدخلاته في عدد من التصريحات لوسائل الإعلام، وهي تصريحات يقول منتقدوه، إنها، علاوة على خلفياتها غير الواضحة، ترمي إلى مجاراة “موضة البوز”، و”الصعود” في نسبة المشاهدات، وما يتطلبه ذلك من “توابل”.

وكان البرلماني اللبار قد سبق له أن استبعد من حضور لقاء ترأسه وزير الاستثمار. ولا تزال خلفيات هذا “الإبعاد” غير واضحة، في وقت تحدث فيه هذا المنعش السياحي على أن القرار الذي أحس فيه بالإهانة، تحكمه خلفية عدم رغبة السلطات في منحه الفضاء المناسب للحديث عن اختلالات الاستثمار بالجهة، وبالخصوص في جهة فاس ـ مكناس. وقال، في خرجته، إنه لن يصمت، وهدد بالكشف عن ملفات، كما لمح إلى أنه لا يخضع لـ”ابتزاز”.

لكن، لماذا اتخذت العلاقة بين الوالي ازنيبر والبرلماني اللبار هذا المنحى الخطير، في وقت كانت البدايات بعد تعيين الوالي سمنا على عسل؟

المصادر تشير إلى أن من العناصر التي يمكن أن تساعد على فهم هذا التحول، تعود إلى ترتيبات ما قبل انتخابات 8 شتنبر 2021، واتخاذ حزب الأصالة والمعاصرة لقرار ترشيح  الجمعوية خديجة الحجوبي للانتخابات البرلمانية في دائرة يعتبرها اللبار قلعة له. وقرر حزب “الجرار”، في المقابل، تحويل اللبار إلى دائرة فاس الجنوبية، وهي الدائرة التي لم يكن يتوفر فيها على أي خزان انتخابي، كما هو الشأن في فاس العتيقة…لكن اللافت هنا، هو أنه تم إقحام الوالي ازنيبر في قرار يخص حزب الأصالة والمعاصرة، كحزب له هياكله وآلياته، ومعاييره، وأدوات عمله. بل إن التنافس الانتخابي حينها دفع بعض الأحزاب إلى “تدبيج” بيانات تتهم السلطات المحلية بغض الطرف عن تجاوزات مرتبطة بحملات انتخابية قبل الأوان، وحتى في فترة الحملة، تم الحديث عن مخالفات لم تتدخل السلطات لردعها. وعلى رأس هذه الأحزاب التي خاضت في هذه الانتقادات برز حزب العدالة والتنمية.

لكن الخلاف ليس فقط مرتبطا بهذا الملف. فقد تحدثت تقارير إعلامية عن مشاريع مبرمجة للبرلماني اللبار في مجال السياحة، وخاصة في فاس العتيقة تواجه تراخيص عالقة بسبب مخالفات مفترضة. وربما، وفق المصادر ذاتها، هناك مشاريع أخرى للبرلماني نفسه في مناطق أخرى تنتظر تراخيص مماثلة. لكن التصريحات التي ظل البرلماني اللبار يدلي بها لم يسبق لها أن أثارت مثل هذه المواضيع، أو قدمت بشأنها التوضيحات اللازمة. ويلف الغموض هذه النقطة تحديدا، مع استحضار أن جل خرجات البرلماني اللبار موجهة ضد مجلس الاستثمار والوكالة الحضرية.

المصادر أوردت أيضا أن المجلس الجهوي للسياحة والذي يترأسه البرلماني اللبار يواجه صعوبات، أبرزها عدم توصله بالدعم السنوي الذي يمنح له من قبل مجلس الجهة. هذا الأخير يعتبر بأن لديه ملاحظات حول تدبير العلاقة بين الطرفين، ويطالب في هذا السياق بتوضيحات وتبريرات. وظل وضع الأزمة مفتوحا، بينما قرر رئيس المجلس أن يواصل صرف أجور مستخدمي المجلس، بعدما دخلت ميزانيته في أزمة خانقة. وظل الطرفين يلتزمان الصمت تجاه هذا الملف، ومعهم الفاعلون في المجال، ومستخدمو المجلس، رغم أن الأمر يتعلق بمجلس له مهام حاسمة في المجال، وله ارتباط بدعم مهم من المال.