مجلس المنافسة حول ارتفاع أسعار المحروقات: إطار قانوني متجاوز واستحواذ أربع شركات على القطاع

الكثير من المعطيات الدقيقة وفرها رأي مجلس المنافسة حول الارتفاع الكبير في أسعار المواد الخام والمواد الأولية في السوق العالمية، وتداعياته على السير التنافسي للأسواق الوطنية: حالة المحروقات، والذي توصلت “الديار” بنسخة منه. ومن هذه المعطيات التي رصدها الرأي، ما يتعلق بالإطار القانوني، وما يتعلق بالاستيراد والتخزين والتوزيع.
وقال الرأي إن الظهير الشريف الصادر بتاريخ 22 فبراير 1973 والمتعلق باستيراد مواد الهيدروكاربورات وتصديرها وتكريرها والتكفل بتكريرها وتعبئتها وادخارها وتوزيعها النص القانوني المؤطر لأسواق المغرب هو الإطار القانوني الذي لا يزال ساري المفعول إلى يومنا هذا. لكن هذا الإطار القانوني أصبح متجاوزا ولا يراعي التغيرات الكبرى التي شهدها هذا السوق على الصعيدين الوطني والدولي.
وعلى الرغم من تغيير الإطار القانوني سنة 2015، عبر إصدار قانون جديد يحمل رقم 67.15 ، إلا أنه لم يدخل حيز التنفيذ بعد سبع سنوات من إصداره بسبب غياب النصوص التطبيقية المتعلقة به.
وجاء في الرأي أن المقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل تواصل إثارة إشكاليات ذات صبغة تنافسية تتعلق بجميع الروابط في سلسلة القيمة لهذه السوق، انطلاقا من الاستيراد ووصولا إلى التوزيع.
وعلى سبيل المثال، أورد مجلس المنافسة أن شروط الولوج إلى سوق الاستيراد أو منح رخص الاستيراد خلا تزال تخضع للسلطة التقديرية للإدارة، مما يطرح إشكاليات ذات صبغة تنافسية.
وتحدث المجلس على أن عدد المحطات الضرورية للشروع في مزاولة نشاط التوزيع مرتفع ومقيد، غير أن القطاع الوزاري المكلف بالطاقة عمل في الآونة الأخيرة على التخفيف من هذه القيود، حيث اشترط على الوافدين الجدد التوفر على 10 محطات فقط وبصفة مؤقتة. لكن المستفيدين سيتعين عليهم استيفاء معيار التوفر على 30 محطة في غضون سنتين بعد منح الترخيص المؤقت.
وسجل أن تدابير تخفيف القيود اتخذت بناء على قرارات إدارية ولا تستند على أي أساس تنظيمي، في حين أنه كان من الممكن تعديل القرار الوزاري القديم المتعلق بـ30 محطة خدمة.
ومن المرجح أن تفضي هذه الإشكاليات إلى حالات من المعاملة التمييزية والتفضيلية، مما قد ينعكس على قواعد المنافسة النزيهة، يخلص رأي مجلس المنافس.
واستعرض المجلس معطيات أخرى تخص شركة سامير، حيث إنه بتوقف نشاط سامير، سنة 2015، وجد المغرب نفسه ملزما باستيراد حاجياته من المنتجات المكررة بالكامل، ومنذ ذلك الحين أضحى المغرب يعتمد كليا على الأسواق العالمية لهذه المنتجات.
لكن في ظل الشركة، كانت السوق تشتغل كما لو كان المغرب يستورد المنتجات المكررة بالكامل من الخارج وأن المصفاة غير موجودة. ويشير الواقع إلى أن الإعانات التي تتحملها الميزانية العامة شكلت الوسيلة الوحيدة التي مكنت من الإبقاء على سعر البيع كما هي محددة من طرف الدولة، على مستويات تعتبر مقبولة.
واللافت أنه أورد أيضا أن قدرات التخزين لا تستخدم في المغرب، وهو ما يطرح مشكلة الأمن الطاقي بحدة. وقال المجلس إن عدم استخدام قدرات التخزين يعود، بحسب الفاعلين، إلى ارتفاع تكاليف التخزين وإلى مخاطر التقلب الكبير في الأسعار.
وبتراجع العرض الدولي وارتفاع الطلب، فإن المغرب يواجه صعوبات قد تشكل خطرا كبيرا على أمن امدادات المغرب بهذه المنتجات، علما أن عدة بلدان عانت مؤخرا من ندرة في المحروقات في محطات الخدمة.
وأورد المجلس أن عملية إحداث مخزون وطني احتياطي تشهد تأخيرا وتواجه صعوبات في مجال تحديد شروط التكلف بمصاريف التخزين بين الفاعلين والسلطات العمومية. وتطرق إلى وجود نقص مزمن في المخزون الذي يجب أن يصل إلى 60 يوما من مبيعات المنتوج ومن القدرة.