“الفساد” في أكاديمية التعليم بجهة فاس مكناس؟.. احجيرة “يقصف” ويكشف المستور لـ”الديار”
في رسالة “قصف” نشرها على صفحته بموقع التواصل “فايسبوك”، وجه البرلماني “البامي” عن إقليم تاونات، محمد احجيرة، اتهامات فساد ثقيلة إلى الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة فاس ـ مكناس.
وقال في هذه الرسالة التي خاطب فيها وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إنه “لا يمكن تحقيق الإصلاح في منظومة التعليم بنفس الوجوه واللوبي الغارق في العسل “. مضيفا بأنه لا يمكن تحقيق مدرسة الإنصاف والجودة والاستحقاق والأكاديميات تعيش فوضى التدبير والتيسير وضعف الحكامة.
احجيرة، في تصريحات لجريدة “الديار”، أكد أن الحكومة قد أعطت أهمية بالغة لقطاع التعليم، حيث رفعت ميزانية القطاع بحوالي 3 مليار درهم. لكن للأسف، يورد، أن مشروع إصلاح القطاع لا يمكن نهائيا النجاح فيه بنفس الوجوه المتواجدة بالأكاديميات الجهوية على المستوى الوطني، وبجهة فاس مكناس على الخصوص.
“فقد نشأت علاقات بين مجموعة من اللوبيات والمسؤولين الفاسدين على المستوى الإداري والمالي بالأكاديميات، ومجموعة من الشركات والمقاولات التي تقوم بإنجاز هذه الصفقات، وبالتالي لاحظنا تعثرا كبيرا على مستوى مجموعة من الأوراش بمختلف أقاليم الجهة. ولاحظنا أيضا أن الدراسات تعد من المكاتب، إذ لا تكون هناك زيارات ميدانية قبل توطين المشاريع. وبالتالي تعرف عدة مشاريع تعثرا كبيرا، وهناك تأخر، إن لم أقل تبخر، لهذه المشاريع مع مرور السنوات”، يضيف المنسق الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة.
وذكر المتحدث نفسه أن الدليل على ذلك، هو أن هناك مؤسسات ثانوية، يتم إنجازها في فترة معينة، وتخرج إلى الوجود، وفي تلك السنة تشهد اكتظاظا، مما يدل على أن مصالح التخطيط التي يجب عليها التخطيط في الشق المتعلق بعدد التلاميذ ومسارهم من الابتدائي إلى الثانوي… الخ، لا تقوم بضبط هذه العملية، وبالتالي يكون هناك هدر في الزمن في عملية إنشاء المؤسسات، وعملية تدبير الحياة المدرسية بشكل عادي، بحيث أن التلاميذ يجدون أنفسهم يعانون الاكتظاظ رغم أن المدرسة حديثة العهد، وتوجد مؤسسات عديدة على مستوى الأكاديمية من هذا النوع، مما يحيل على أن قسم التخطيط على مستوى الأكاديمية أو المديريات الإقليمية لا يقوم بعمله كما يجب.
“ولاحظنا أن مسؤولي الأكاديمية لا يفعّلون التواصل مع الجماعات الترابية عند توطين المشاريع، حيث طغوا على مجموعة من الساحات ومجموعة من الفضاءات داخل المؤسسات التعليمية، لأنهم يتفقون مع المقاولة، أو يختارون المكان المنبسط، ويبنون حجرات في قلب الفضاءات أو في قلب الساحات، بحيث أن الرياضة التي هي حاليا مربوطة بالتعليم الأولي، لا تتواجد فضاءات لممارسة تلاميذنا لها”، يصرح احجيرة.
وأردف أنه يوجد أيضا فساد كبير في التعليم الأولي، حيث تتواجد أقسام على الأوراق. وفي محاربة الأمية كانت الخطورة أكثر، حيث شاب ملفات هذه الأخيرة عدة شوائب. ومن هذا المنطلق طالب محدثنا بفتح تحقيق في كل المشاريع المرتبطة بمحاربة الأمية والمرتبطة بالتعليم الأولي، والمرتبطة بجودة إنجاز الحجرات والإطعام والحراسة والمنظفات… الخ
كما يوجد، حسب البرلماني احجيرة، نوع من الفساد المستشري في هذه الإدارة، وبالتالي فالخطورة تكمن في كون أن ورش الإصلاح الذي جاءت به الحكومة لا يمكن نهائيا تنزيله بنفس الوجوه “الغارقة في العسل”، والتي لا تهتم أبدا به، ولا تقوم نهائيا بزيارات للمناطق القروية والجبلية، بحيث أنها تقول “بحال اللي غتبني مؤسسة ففاس أو مكناس أو إفران.. بحالها بحال تازة فواحد الجبل عالي أو تاونات أو صفرو… الخ”.
“وبالتالي يوجد، وفق المصدر نفسه، إشكال حقيقي، يتجسد في أنه في الوقت الذي يجب على مسؤولي التربية الوطنية على المستوى الجهوي أو المركزي الاهتمام بالبرامج، وما يجب تدريسه للتلاميذ في المدرسة العمومية، وجدنا بأنهم لا يفقهون شيئا في البناء، لكن يقومون به.. ذلك أن الموارد البشرية التي يتوفرون عليها ضعيفة”.
وكشف أيضا عن وجود تلاعب في الموارد البشرية، حيث توجد مؤسسات لحد الآن بها شعب لا تدرّس، مثلا توجد مؤسسات بالجهة لا تدرّس فيها العربية أو الفرنسية أو الرياضيات أو الرياضة… الخ. ولا وجود لتتبع يومي.. وتوجد تكليفات بمحاباة لمسؤولين معينين أو لريع سياسي أو لريع نقابي، فتعطى بعض التكليفات في مؤسسات معينة، في الوقت الذي يوجد خصاص مهول في مؤسسات أخرى، ويوجد فائض في مؤسسات، ولا تتم إعادة انتشار الموارد البشرية، و”كنضيعو بناتنا وولادنا فهاد المؤسسات التعليمية”.
“والحياة المدرسية التي يجب أن تعود مع نفس النموذج التنموي الجديد مع ما أتى به من نقاط قوة كبيرة في هذا الميدان، لم نشاهد معالمها نهائيا عند مديري الأكاديميات والمديرين الإقليميين، لا على مستوى التواصل مع محيطهم ولا على مستوى تنزيل هذه البرامج المهمة.
وبالتالي نعتبر أن كل تأخر في هذا الملف، ومعالجة إصلاح الورش الملكي الكبير المتعلق بالاهتمام بالإنسان وخصوصا بالطفولة وتعليمها، والكفاءات وتكوينها، وتمكينها من الكفايات التي تمكن من تأهيلها كي تكون في مستوى الانتظارات المستقبلية.. كل تأخر ستكون فاتورته جد عالية”، يختم محمد احجيرة تصريحاته.
وكان احجيرة قد فجر قنبلة من العيار الثقيل في تدوينة، حيث شدد على أن توزيع المشاريع بين الأقاليم المكونة للجهة ليس له علاقة بمعايير التخطيط والدراسات المنجزة، وذهب إلى أن واقع الأقسام المفككة ومحاربة الامية والتعليم الأولي هو الدليل القاطع على ما يقول.
المسؤول “البامي” تحدث أيضا عن التأخر أو السرعة في المصادقة على الصفقات الخاصة بالثانويات وغيرها حسب حجم القرب من أصحاب القرار بالأكاديمية، في إشارة إلى تحكم الزبونية والمحسوبية في اتخاذ هذه القرارات المرتبطة بالصفقات.
وذكر بأن مسؤولي وأطر الأكاديمية القاطنين بفاس لم يسبق لهم ان زاروا المناطق الجبلية بالجهة، وهم يعممون نفس المنطق في المصادقة على المشاريع رغم اختلاف أماكن التوطين لهده المشاريع في تراب الجهة.
لكن من المعطيات الصادمة التي أشهرها في وجه هؤلاء المسؤولين، في تدوينته، حديثه عن الفساد هو الذي يتحكم في التصديق على نفس المبالغ لمؤسسات في الحواضر وفي والمناطق الجبلية وحتى السهلة، وليس التقارير والدراسات المخجلة عن الهدر المدرسي ووضعية بنية الاستقبال وتعليم الفتيات المعدة من طرف مؤسسات وطنية ودولية لمساعدة الإدارة على التخطيط .
وانتقد، في السياق ذاته، توطين المشاريع من حجرات وغيرها دون مقاربة تشاركية مع الجماعات الترابية حيث يتم القضاء على الفضاءات من ساحات ومداخل المؤسسات وإنجاز دراسات لا علاقة لها بالواقع وعند النزول للميدان يستحيل توطين المشروع أو الحجرة. وانتقد أيضا ضعف الجودة وانعدامها أحيانا في الحجرات المنجرة بتراب الجهة، وضعف نسبة الإنجاز مقارنة مع الميزانية المرصودة لبعض الأقاليم ومنها إقليم تاونات، وتعثر عدد كبير من المشاريع وتوقفها من ثانويات وأقسام مهمة بالنسبة للساكنة. وكاد أن يجزم، في نهاية رسالته المفتوحة، بأن تقارير المجلس الأعلى للحسابات عوض أن تردع المسؤولين على الاكاديميات بالمغرب ربما يتم استعمالها في تطوير قدراتهم ومهاراتهم في فنون الإمعان في الفساد الإداري والمالي. وأوضح، في هذا الإطار، بأن الأمر يتعلق بصفقات الإطعام والحراسة والنظافة وما يصاحبها من لعب في المكونات وتعويضات الأجراء والأجيرات وعدم التصريح لدى صندوق الضمان الاجتماعي.
لماذا اختار احجيرة هذا الوقت بالتحديد للحديث عن “الفساد” في صفقات الأكاديمية؟ لا جواب لحد الآن، في انتظار توضيحات الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين.