“تسقيف” سن اجتياز مباراة التعليم.. هذا ما قاله أبلهاض والحجيرة عن قرارات بنموسى
ما يزال غليان الشارع المغربي مستمرا بسبب القرارات الجديدة لوزارة التربية الوطنية القاضية بتسقيف سن اجتياز مباراة التعليم في سن الثلاثين.
وهج الاحتجاجات الغاضبة يتفاقم يوما على ظهر يوم بمختلف أنحاء المملكة عموما والجهة على وجه التخصيص، تعبيرا عن الرفض القاطع لتلكم القرارات، وضغطا على الحكومة الجديدة علها تستجيب لنبض الشارع وتتراجع عن شروطها التي وصفت بـ”الإقصائية”.
بعد تقديم تصريحات أطراف من أحزاب المعارضة الحكومية وإيضاح مواقفهم تجاه القضية، والتي صبت في مجملها في رفض واستنكار قرارات وزارة بنموسى، ربطت جريدة “الديار” الاتصال بإدريس أبلهاض، باعتباره كاتبا إقليميا للاتحاد العام للشغالين بفاس ومستشارا في مجلس جهة فاس مكناس عن حزب الاستقلال.
وقد أكد أبلهاض أن القرار من منظوره كنقابي ومن منظوره الشخصي قرار سيزيد من حدة الاحتقان في صفوف الشباب والطلبة والطالبات، فوفقه كان يستحب أن يخرج الوزير شكيب بنموسى بالقرار بعد إحداث توافق مع الفرقاء سواء السياسيين أو النقابيين كي يكون عليه إجماع، كما يجب أن يكون تنزيله عقب مشاورات ونقاشات ومجموعة من الأمور التي لابد أن تتم قبل خروج أي قرار.
علما أن الذريعة هي إصلاح التعليم، يضيف، لكن هذه المهمة صعبة ويلزمها عمل شاق لأن منظومة التعليم إذا لم تكن في البداية كما يجب فإنها ستفرز أشخاصا أو نخبة مستواها التعليمي متدن، وبالتالي فإصلاح التعليم تلزمه مجموعة من المراحل والخطوات الجريئة في صالح إصلاح المنظومة، لا اتخاذ قرارات دون مرجعية تقوم على الإجماع. فهذا قرار كان لا بد من مناقشته مع كل الفعاليات وجميع مكونات المجتمع المغربي بما فيها الفرقاء السياسيين والنقابيين، على حد تعبيره.
“والآن الانتقاد الذي يوجه صوب وزير التعليم، انتقاد في واقع الأمر منطقي، لأنه باش يصبح الصباح يخرج قرار على أنه لا يمكن للطالبات والطلبة اجتياز امتحانات التعليم إذا ما كان سنهم فوق 30 سنة، فهذا أظن أنه قرار متسرع، وقرار أحادي الجانب، ودائما القرارات أحادية الجانب لا تعطي أكلها، ولا تستجيب لتطلعات المواطن الفاسي والمغربي عامة، وأظن أن قطاع التعليم يحتاج إلى خطوات أهم، تكون جريئة من أجل إخراج منظومة التعليم من النفق المظلم الذي عاشته وتعيشه، لأن رقي الدول هو التعليم الراقي، التعليم الذي في المستوى، التعليم الذي بإمكانه إنتاج النخب وإنتاج جيل متعلم متحضر مبتكر.. جيل يبحث عن كيفية تسيير الأجيال القادمة لتكون مشرفة للمملكة المغربية”، يردف.
كما ذكر أن بهذا القرار أصبح الشخص الذي يزيد سنه عن الثلاثين مجردا من حقه في أن يلج وظيفة التعليم الشيء الذي يطرح إشكالا كبيرا لأنه كما هو معروف، يصرح، الإنسان قبل أن يصل إلى الثلاثين ينكب في البحث عن آفاق أخرى، وربما يجتاز مجموعة امتحانات ومباريات، الشيء الذي يؤخره عن اللجوء إلى التعليم.
“الإنسان باش يشد الإجازة ديالو كتكون عندو 22 أو 23 عام بهذا القرار مغيبقاش عندو فرصة هاد الشاب أو الشابة أنه يتحرك في جميع الاتجاهات وبالتالي أصبح مفروضا عليه أن يبدأ مشواره بالتعليم، وهذا أمر غير منطقي، لأن التعليم يجب الالتحاق به في سن يكون فيه الإنسان ذا تجربة.. رجع فسن يمكن لنا نعطيوه وليداتنا يعلمهم !”، يقول ادريس أبلهاض.
من جهته، أكد محمد الحجيرة الكاتب الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة والنائب البرلماني عن إقليم تاونات، (أكد) في اتصال هاتفي أجرته معه جريدة “الديار” أن القرار إذا كان يروم الإصلاح فهو كان قرارا فجائيا ومفاجئا ولم يأت في وقته، على اعتبار أن مباشرة الإصلاح إذا كانت تهتم بالبشر فجزء منها فيه جزء من الحجر، حسبه.
ففي الشق المتعلق بالموارد البشرية فقد كان من الأفضل، وفقه، أن نباشر موضوع البرامج وموضوع البيداغوجيا وما يتم تدريسه لأبنائنا وبناتنا في المدارس العمومية بدل الانكباب منذ البداية على موضوع السن والانتقاء وعدم السماح لمن يربطه عقد شغل بمؤسسات أخرى سواء تعليمية أو غيرها أن ينخرط في هاته المنظومة التعليمية اعتمادا على مبدأ الاستحقاق.
وصرح الحجيرة أيضا: “في تقديري كان من الأفضل أن تبقى المباراة مفتوحة لجميع الطلبة الحاصلين على شهادة الإجازة فما فوق، على أن يكون الفيصل هو الامتحان والاستحقاق على اعتبار النقطة التي سيحصل عليها هذا الممتحن أو الممتحنة في الامتحان الكتابي، وفي المقابلة الشفوية لتقييم الكفاءات .. لأن الكفاءة هي المحدد، والكفاءة لم ولن تكون أبدا مقرونة بالسن”.
ونحن، يضيف، سنوجه أسئلة في الموضوع للوزير وسنطلب أن يحضر في لجنة التعليم والثقافة لكي يعطينا الأسس والمرتكزات التي تم اعتمادها من أجل أن يخرج بمثل هذا القرار.
كما أوضح أنه إذا كان النموذج التنموي قد أعطى للإنسان والمواطن المغربي تلك الأهمية وجعله في صلب التنمية بشكل عام، فمباشرته بهذه الطريقة وبهذه الفجائية وبهذه السرعة قد تكون له انعكاسات سلبية كان من الأفضل أن يكون فيها تواصل أفضل، على اعتبار أن الوزير كان الأسبوع الماضي في البرلمان، يردف محدثنا، وكان أيضا عند تقديم الميزانية الفرعية، ولم يتحدث بشأن هذه الأمور التنظيمية التي تدخل في اختصاصه.
على اعتبار أن مجموعة من القطاعات الحكومية توظف أقل من 30 سنة ومجموعة من المؤسسات العمومية ومن القطاعات تفعل الشيء نفسه، لكن هذا الموضوع الذي فيه الأمل، يضيف، نريد من الحكومة أن تأتي فيه بجرعات أمل وألا توقف الأمل الذي كان لدى شريحة عريضة من أصحاب الشواهد الذين استثمروا كثيرا في التعلم في الجامعة، وكانت أسرهم تنتظر أن يكون لهم مكانهم في الوظيفة العمومية، التي كانت منقذة لمجموعة من أصحاب الشواهد، إلا أنه بهذا القرار مجموعة من الآمال التي كانت لدى مجموعة من الشباب قد تضيع، على حد تعبيره.
“وبالتالي، يقول الحجيرة، أنا أرى أنه من الأنسب أن يتم العدول عن هذا القرار في هاته اللحظات، ويجب في تقديري إعادة النظر في هذه الأمور، لكي تتماشى وانتظارات الشارع”، قبل أن يستدرك: “ليس الشارع وفقط، وحتى نحن كمنتخبين، كان لنا رأي في الموضوع وممكن أن نفيد من حيث الجانب التقني والجانب الذي يضم هذه المقاربة ذات البعد الإصلاحي بلمسة سياسية لها بعد مجتمعي، فيه انعكاس لما نعيشه ونحن نجول في الشوارع ونلتقي بالمواطنات والمواطنين، وحتى في الجامعة بمختلف فئاتهم العمرية”.