أسطول من “القرون الوسطى” واكتظاظ في زمن كورونا.. هذه “فضائح” “سيتي باص” بفاس ونائب العمدة يوضح بخصوص “الطرامواي”

تتخبط مدينة فاس في العديد من المشاكل والإكراهات، من بينها مشكل النقل الحضري الذي يعتبر نقطة “سوداء” تؤرق الساكنة وتكدر عليها صفو حياتها اليومية.

موضوع حافلات “سيتي باص” بفاس، هو في واقع الأمر، موضوع يظل حديث الساعة، لا ينقضي صداه ولا يتوقف وهجه.. فمتى ما ركب مواطن فاسي حافلة إلا وتجده يستنكر ويستهجن بشدة ما هو مضطر إلى عيشه مرغما، ذلك أنه يركبها كل صباح، ويمضي فيها إلى حال سبيله كل مساء، لذا فهو يعيش جزء من حياته “رهينا” لشركة لا تستجيب لانتظاراته ولا تصل أبدا إلى سقف توقعاته.

متى ستعطى انطلاقة أشغال “طرامواي فاس” للحد من معاناة “الفاسيين” مع النقل؟ ما هي الملاحظات على طريقة تدبير “سيتي باص” لحافلات النقل الحضري؟، أسئلة، وأخرى، طرحتها جريدة “الديار” على محمد الحارثي، نائب عمدة فاس، وأسامة أوفريد، الكاتب المحلي لشبيبة الحزب الاشتراكي الموحد بفاس، في الوقت الذي لم يجب محمد الأشهب سداد، مدير الشركة على اتصالاتنا.

“جماعة فاس تبذل مجهودات من أجل النهوض بقطاع النقل بمدينة فاس عبر “مخطط التنقل” الذي تخاض في صدده دراسات تبتغي تجويده.. وماتزال المفاوضات جارية، من أجل تحقيق هذا الهدف” يقول الحارثي تعليقا على مشاكل النقل الحضري بالعاصمة العلمية.

وأضاف نائب العمدة أن مخطط التنقل يحتوي على رؤية شمولية، تضم دراسات تجمع بين الحافلات و”الطرامواي الحضري”، مشيرا إلى أن هذا الأخير يعد أحد أبرز المشاريع التي خرجت به الدراسات المخاضة في هذا الإطار، قبل أن يؤكد على أن هذا المشروع سيرى النور، لكن ليس الآن، لأن تفعيل الدراسة المنجزة يتطلب المرور بعدد مهم من المراحل التي ستأخذ حيزا من الوقت.

ودعا الحارثي، إلى حصر النقاش حول النقل الحضري في بعده الإيجابي، مشددا على عدم الالتفات إلى الماضي، والنظر فقط إلى الجهود المخاضة من أجل تحسين ظروف النقل بالمدينة، بعد محاولتنا تأطير الحديث مع نائب العمدة في سياق المشاكل التي يطرحها النقل الحضري بفاس.

من جهته قال أسامة أوفريد: “النقل الحضري يجب أن يكون منفتحا ومنصتا إلى آراء المواطنات والمواطنين.. أي أن تكون الشركة المفوض إليها تدبيره وجماعة فاس قادرتين على فتح نقاش عمومي حول الإشكال مع المواطنين ومختلف الأطراف السياسية والمدنية والنقابية لتدلي بدلوها في النقاش”، مؤكدا أنه “لكي نستطيع التكلم عن نقل حضري عمومي بمدينة فاس، وجب فتح نقاش عمومي ننصت بموجبه إلى كل الأصوات سواء المؤيدة أو المعارضة للشركة، من أجل تقديم رؤية عن الآليات التي نستطيع بموجبها تطوير هذا القطاع “.

وعن المشاكل التي يعرفها قطاع النقل الحضري بمدينة فاس، ذكر الفاعل السياسي أن المدينة تتوفر على أسطول جد مهترئ، يعود إلى القرون الوسطى، ولا يرتقي إلى تطلعات المواطنين والمواطنات، مبرزا أن المواطنين بحاجة إلى أسطول جديد، حافلاته جيدة ميكانيكيا، وذو مقومات حقيقية لمدينة علمية تمتد تاريخيا إلى 12 قرنا، “ففاس مدينة ممتدة مما يستوجب خضوعها إلى مظاهر التطور التي يعرفها العالم”، وبالتالي فأولى الحلول المقترحة من قبل أوفريد تتمثل في تغيير جذري لأسطول حافلات فاس.

مواصلا حديثه عن “فضائح” النقل بفاس، أفاد المصدر ذاته: “لا يمكننا الحديث عن مدينة مواطنة، مدينة ذكية، بدون حافلات تحترم الوقت، ذلك أن جل خطوط شركة النقل بفاس تتأخر على طلبتها وموظفيها ومواطنيها عموما، مما يتعارض ومصالح الناس، ويعرقل سيرورة أشغالهم”، مضيفا، أن “جماعة فاس تتكلم عن فاس كمدينة ذكية، لذا يجب احترام الوقت لأن المدن الذكية تحترم الوقت”.

كما عبر أوفريد عن استيائه الشديد من مشكل “المراقبين”، داعيا إلى تحسين طريقة تعاملهم مع المواطنات والمواطنين، متهما بعضهم بالتحرش والتفوه بالكلام النابي، وتعريض المواطنين للضرب، قبل أن يطالب بتطبيق القانون لأن ساكنة فاس ضاقت ذرعا من هذه السلوكات “المستفزة”، وفق تعبيره.

في جانب آخر، دعا المتحدث نفسه إلى احترام مختلف شرائح المجتمع الفاسي، بما فيهم الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ من الضروري، حسب أوفريد، “احترام الولوجيات، عبر وضع أبواب ذات طابع إلكتروني تيسر ركوب الفئة المذكورة من المجتمع، مؤكدا على ضرورة احترام هذه الفئة، ووجوب تسخير جهود الشركة من أجل درء محنة هؤلاء المواطنين، فهم أيضا يؤدون التذكرة ويتوجب، بالتالي، ضمان راحتهم”.

ومن أجل الطلبة، نوه الفاعل السياسي إلى “ضرورة إحداث خطوط خاصة بهذه الفئة”، مشيرا إلى أنهم “يضطرون أحيانا إلى ركوب 3 حافلات من أجل الوصول إلى الجامعة”، موضحا أنه في وقت سابق، كانت هذه الخدمة متوفرة وتخفف الأعباء عن هؤلاء الطلبة الذين وصفهم بـ”مجتمع الغد”.

واستنكر أسامة أوفريد تفكير الشركة المذكورة في مصالحها فقط، خاصة في الظروف الراهنة والاستثنائية التي يعيشها المغرب، والمتعلقة بـ”جائحة كورونا”، في الوقت الذي تكدس فيه الشركة المواطنين في حافلاتها، حسب تعبيره، مشددا على ضرورة تفكير هذه الأخيرة بمنطق المصلحة العامة قبل التفكير بمنطق الربح، “وبالتالي، يضيف الفاعل السياسي، نحن بحاجة إلى شركة مواطنة تفكر في المواطن.. وحالة كورونا أثبتت أن الشركة تحسر تفكيرها في الربح فقط، نظرا للاكتظاظ الكارثي الذي تشهده تلك الحافلات، مما سينعكس سلبا على المدينة في المستقبل القريب”.

وفي رسالة أخيرة إلى الشركة والمسؤولين بجماعة فاس، قال أسامة أوفريد: “نريد شركة تحترم العدد المخصص للركاب، ليس اقترانا بالظروف الحالية فقط، بل على سائر الأيام، لتحافظ على الجمالية، وعلى مجموعة أخرى من الأمور”.